فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الإعراب:

{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ} الهمزة للاستفهام الإنكاري التوبيخي والواو عاطفة على محذوف مقدر يقتضيه السياق أي ألم ينظروا ولم يروا متوجهين إلى ما خلق اللّه والى ما جار ومجرور متعلقان بيروا، وهذه الرؤية لما كانت بمعنى النظر وصلت بإلى لأن المراد منها الاعتبار وذلك الاعتبار لا يتأتى إلا بنفس الرؤية التي يكون معها النظر إلى الشيء لتدبره والتبصر فيه والتأمل بمغابه وعواقبه، وجملة خلق اللّه صلة ومن شيء حال من ما خلق اللّه وصح أن تكون مبنية لوصفها مع أن كلمة شيء مبهمة وجملة يتفيأ ظلاله صفة لشيء وظلاله فاعل يتفيأ وعن اليمين حال وعن الشمائل عطف ويصح أن تكون {عن} اسما بمعنى جانب فعلى هذا تنتصب على الظرف ويصح أن تتعلق بتتفيأ ومعناه المجاوزة أي تتجاوز الظلال عن اليمين إلى الشمال، بقي هنا سؤال وهو لما ذا أفرد اليمين وجمع الشمال وأجاب العلماء بأجوبة عديدة أقربها إلى المنطق أن الابتداء يقع من اليمين وهو شيء واحد فلذلك وحد اليمين ثم ينتقص شيئا فشيئا وحالا بعد حال فهو بمعنى الجمع فصدق على كل حال لفظ الشمائل فتعدد بتعدد الحالات، وللفراء رأي طريف قال: كأنه إذا وحّد ذهب إلى واحد من ذوات الظلال وإذا جمع ذهب إلى كلها لأن قوله: {ما خلق اللّه من شيء} لفظه واحد ومعناه الجمع، فعبر عن أحدهما بلفظ الواحد كقوله تعالى: {وجعل الظلمات والنور} وقال ابن الصائغ: أفرد وجمع بالنظر إلى الغايتين لأن ظل الغداة يضمحل حتى لا يبقي منه إلا اليسير فكأنه في جهة واحدة وهو بالعشي على العكس لاستيلائه على جميع الجهات فلحظت الغايتان في الآية، هذا من جهة المعنى وفيه من جهة اللفظ المطابقة لأن سجّدا جمع فطابقه جمع الشمائل لاتصاله به فحصل في الآية مطابقة اللفظ للمعنى ولحظهما معا وتلك الغاية في الإعجاز، وقيل أفرد اليمين مراعاة للفظ ما وجمع ثانيا مراعاة لمعناهاو قد أفرد السهيلي رسالة لطيفة على هذه الآية.
وسجّدا حال من ظلاله والواو للحال وهم مبتدأ وداخرون خبر والجملة حالية من الضمير المستتر في سجدا فهي حال متداخلة. {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ} للّه جار ومجرور متعلقان بيسجد وما فاعل ليسجد وفي السموات صلة وما في الأرض عطف على ما في السموات ومن دابة في موضع نصب على الحال المبنية والملائكة عطف على ما، وخصهم بالذكر بعد العموم تنويها بفضلهم.
{وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} الواو عاطفة وهم مبتدأ وجملة لا يستكبرون خبر. {يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ} جملة يخافون نصب على الحال من ضمير يستكبرون أو بدل من جملة لا يستكبرون لأن من خاف اللّه لم يستكبر عن عبادته ويخافون ربهم فعل مضارع وفاعل ومفعول به ومن فوقهم حال من ربهم أي يخافون ربهم عاليا عليهم في الرتبة على حد قوله: {وهو القاهر فوق عباده} ويفعلون عطف على يخافون وما مفعول به وجملة يؤمرون صلة. {وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ} الواو استئنافية وقال اللّه فعل وفاعل ولا ناهية وتتخذوا فعل مضارع مجزوم بلا والواو فاعل وإلهين مفعول به واثنين صفة لإلهين ومن طريف المفارقات أن جميع المفسرين تقريبا يعربونها توكيدا لإلهين وليست اثنين من ألفاظ التوكيد المعنوي وليست من باب التوكيد اللفظي ويظهر أن إعرابهم لها كذلك قائم على المعنى لأن معنى الوصف هو التوكيد وسترى بحثا طريفا عن ذلك في باب البلاغة وقد اضطر بعضهم إلى القول أن لفظ اثنين تأكيد لما فهم من إلهين من التثنية وقيل:
إن في الكلام تقديما وتأخيرا والتقدير: لا تتخذوا إثنين إلهين. إنما هو إله واحد {إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} إنما كافة ومكفوفة وهو مبتدأ وإله خبر وواحد صفة للتأكيد أيضا، فإياي: الفاء الفصيحة وإياي مفعول به لفعل مضمر يفسره ما بعده أي بقوله ارهبون، وارهبون فعل أمر والواو فاعل والنون للوقاية والياء المحذوفة لمراعاة الفواصل مفعوله.
{وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} لك أن تجعل الواو عاطفة والجملة معطوفة على قوله إنما هو إله واحد ولك أن تجعلها استئنافية والجملة مستأنفة وله خبر مقدم وما مبتدأ مؤخر وفي السموات صلة والأرض عطف على ما في السموات. {وَلَهُ الدِّينُ واصِبًا} الواو عاطفة وله خبر مقدم والدين مبتدأ مؤخر وواصبا حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور والتقدير والدين ثابت له حال كونه واصبا وفي معنى الوصب قولان أحدهما الدوام أي له الدين ثابتا سرمدا وثانيهما المشقة والكلفة، أي له الدين ذا كلفة ومشقة. {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ} الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء عاطفة على محذوف والتقدير أبعد ما تقرر من توحيد اللّه وبعد ما عرفتم أن كل ما سواه محتاج إليه كيف يعقل أن تتقوا غيره وترهبوا من غيره وغير اللّه مفعول مقدم لتتقون وتتقون فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعله.

.البلاغة:

اشتملت هذه الآيات على وجازتها على فنون من البلاغة تستوعب الأجلاد، وسنحاول تلخيصها في العبارات الآتية:
1- التغليب:
في قوله تعالى: {وللّه يسجد ما في السموات وما في الأرض} فقد أتى بلفظ ما الموصولية في قوله: {ما في السموات وما في الأرض} للتغليب لأن ما لا يعقل أكثر ممن يعقل في العدد والحكم للأغلب وما الموصولة في أصل وضعها لما لا يعقل كما أن من موضوعة في الأصل لمن يعقل وقد تتخالفان، ومن استعمال من لغير العاقل في الشعر قول العباس بن الأحنف:
أسرب القطا هل من يعير جناحه ** لعلّي إلى من قد هويت أطير

فأوقع من على سرب القطا وهو غير عاقل وقول امرؤ القيس:
ألا عم صباحا أيها الطلل البالي ** وهل يعمن من كان في العصر الخالي

فأوقع من على الطلل وهو غير عاقل.
وفيما يلي ضابط هام نوجزه فبما يلي:
قد تستعمل من لغير العقلاء في ثلاث مسائل:
آ- أن ينزل غير العاقل منزلة العاقل كقوله تعالى: {ومن أضل ممن يدعو من دون اللّه من لا يستجيب له إلى يوم القيامة} وقول امرئ القيس السابق.
وكذلك قول العباس بن الأحنف السابق الذكر.
فدعاء الأصنام التي لا تستجيب الدعاء في الآية الكريمة ونداء الطلل والقطا في البيتين سوغا تنزيلها منزلة العاقل إذ لا ينادى إلا العقلاء.
ب- أن يندمج غير العاقل مع العاقل في حكم واحد كقوله تعالى: {أفمن يخلق كمن لا يخلق} وقوله: {ألم تر أن اللّه يسجد له من في السموات ومن في الأرض}.
ح- أن يقترن غير العاقل بالعاقل في عموم مفصل كقوله تعالى: {واللّه خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع} فالدابة تعم أصناف من يدب عن وجه الأرض وقد فصلها على ثلاثة أنواع.
وقد تستعمل {ما} للعاقل إذا اقترن العاقل بغير العاقل في حكم واحد كما في الآية المتقدمة.
2- الاحتراس:
وذلك في قوله تعالى: {وقال اللّه لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد} والمعروف أنه لا يجمع بين العدد والمعدود إلا فيما وراء الواحد والإثنين فيقولون عندي رجال ثلاثة ونساء ثلاث لأن المعدود عار عن الدلالة على العدد الخاص فلو لم تشفعه بصفته لما فهمت العدد المراد وأما رجل وامرأة ورجلان وامرأتان فمعدودان فيهما دلالة على العدد فلا حاجة إلى أن يقال: رجل واحد وامرأة واحدة ورجلان اثنان وامرأتان اثنتان أما في الآية فالاسم الحامل لمعنى الافراد والتثنية وهو إله وإلهان دال على شيئين على الجنسية والعدد المخصوص فإذا أريد الدلالة على أن المراد الذي يساق إليه الحديث هو العدد كان لابد من أن يشفع بما يؤكده ألا ترى أنك لو قلت إله ولم تؤكده بواحد لم يحسن وخيل إليك أنك تثبت الإلهية لا الوحدانية فكان لابد من الاحتراس وهذا من روائع البلاغة التي تتقطع دونها الأعناق.
3- الالتفات:
عن الغيبة إلى التكلم فقد قال: {وقال اللّه لا تتخذوا إلهين اثنين} إلخ. ثم عدل إلى الحضور وهو قوله: {وإياي فارهبون} لأن ذلك أبلغ في الرهبة من أن يقول جريا على السياق فإياه فارهبون.

.[سورة النحل: الآيات 53- 60]

{وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ (53) ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55) وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ (57) وإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساء ما يَحْكُمُونَ (59) لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)}.

.اللغة:

{تَجْئَرُونَ} تتضرعون والجؤار بوزن الزكام رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة قال الأعشى يصف راهبا:
يراوح من صلوات المليك ** طورا سجودا وطورا جؤارا

والمراوحة في العمل الانتقال من حالة إلى أخرى ولا يفوتنك ما في هذا الوصف من دقة، وقبله:
وما آبلي على هيكل بناه ** وصلب فيه وصارا

والآبلي الراهب نسبة إلى آبل وهو قيم البيعة وصلب أي صور الصليب وفي القاموس: جأر كمنع جأرا وجؤارا بوزن غراب رفع صوته بالدعاء وتضرع واستغاث والبقرة والثور صاحا والنبت جأرا طال والأرض طال نبتها.
{ظَلَّ} هنا بمعنى صار وليست على بابها من كونها تدل على الإقامة نهارا على الصفة المسندة إلى اسمها وعلى التقديرين هي ناقصة ومصدرها الظلول ويجوز ابقاؤها على معناها الأصلي وهو اتصاف الشيء بصفة ما نهارا فقط لأن الأوضاع تتشابه في الليل أي يظل سحابة نهاره مغتما مربدّ الوجه من الكآبة والحياء من الناس.
{كَظِيمٌ} مملوء حنقا على الأنثى وفي المصباح: كظمت الغيظ كظما من باب ضرب وكظوما أمسكت على ما في نفسك منه على صفح أو غيظ وفي التنزيل: {الكاظمين الغيظ} وربما قيل كظمت على الغيظ وكظمني الغيظ فأنا كظيم ومكظوم وكظم البعير كظوما لم يجتر.
{هُونٍ} هوان وذل قال اليزيدي: والهون الهوان بلغة قريش.
وكذا حكاه أبو عبيد عن الكسائي وحكى الكسائي أنه البلاء والمشقة قالت الخنساء:
نهين النفوس وهون النفوس يوم الكريهة أبقى لها.

.الإعراب:

{وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} ما شرطية في محل رفع مبتدأ وفعل الشرط محذوف وبكم متعلقان بفعل الشرط المحذوف ومن نعمة حال من اسم الشرط واختار أبو البقاء أن تكون حالا من الضمير في الجار والفاء رابطة لجواب الشرط ومن اللّه خبر لمبتدأ محذوف والتقدير فهو من اللّه والجملة في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط المحذوف والجواب في محل رفع خبر ما ويجوز أن تكون ما موصولة مبتدأ والجار والمجرور صلتها والخبر قوله فمن اللّه والفاء رابطة لتضمن الموصول معنى الشرط والتقدير والذي استقر بكم وسيأتي مزيد بحث عن حذف فعل الشرط والجواب في باب الفوائد. {ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ} ثم حرف عطف وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط متعلق بالجواب تجأرون وجملة مسكم مضافة للظرف ومسكم فعل ومفعول به مقدم والضر فاعل مؤخر والفاء رابطة واليه متعلقان بتجأرون وتجأرون فعل مضارع وفاعل وجملة فإليه تجأرون لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم. {ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} ثم حرف عطف وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط متعلق بما في إذا من معنى المفاجأة ولا يجوز أن يكون العامل في إذا هو الجواب لأنه لا يعمل ما بعد إذا الفجائية فيما قبلها وجملة كشف مضافة والضر مفعول به وعنكم متعلقان بكشف وإذا فجائية لا محل لها وقد تقدم القول فيها وفريق مبتدأ ساغ الابتداء به لأنه وصف بقوله منهم وبربهم جار ومجرور متعلقان يشركون وجملة يشركون خبر فريق ومن العجيب أن أبا البقاء تورط فقاس إذا الفجائية على إذا الشرطية فقال: فريق فاعل لفعل محذوف وهذا طائح من أساسه. {لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ليكفروا} اللام لام التعليل ويكفروا مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام والجار والمجرور متعلقان بيشركون أي اشراكهم سببه كفر هم بربهم ويجوز أن تكون اللام لام الصيرورة أو العاقبة أي فعاقبة إشراكهم باللّه غيره كفرهم بالنعمة التي هي كشف الضر عنهم فيكون متعلق ليكفروا بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف وبما متعلقان بيكفروا وجملة آتيناهم صلة، فتستعوا جملة معمولة لقول محذوف أي قل لهم يا محمد تمتعوا، فسوف تعلمون الفاء الفصيحة وسوف حرف استقبال وتعلمون فعل وفاعل ومفعوله محذوف تقديره عاقبة ذلك. {وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْناهُمْ} عطف على ما سبق ويجعلون فعل مضارع وفاعل ولما متعلقان بيجعلون وجملة لا يعلمون صلة لما والضمير في يعلمون عائد على المشركين والعائد محذوف يقدر بأنها تضر ولا تنفع ولك أن تجعله عائدا على الأصنام المدلول عليها بما أي الأشياء غير موصوفة بالعلم لا تشعر أجعلوا لها نصيبا في أنعامهم وزروعهم أم لا، ونصيبا مفعول يجعلون ومما صفة لنصيبا وجملة رزقناهم صلة. {تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ} التاء تاء القسم الجارة ولفظ الجلالة مجرور بتاء القسم والجار والمجرور متعلقان بمحذوف تقديره قسمي واللام واقعة في جواب القسم وتسألن فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون المحذوفة لتوالي الأمثال والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين فاعل والنون المشددة نون التوكيد الثقيلة وقد تقدم لهذا الإعراب نظائر وعما متعلقان تسألن وجملة كنتم صلة وجملة تفترون خبر كنتم. {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ} ويجعلون عطف على ما تقدم وللّه متعلقان بيجعلون والبنات مفعول يجعلون وسبحانه منصوب على المصدرية بفعل محذوف والجملة معترضة لكونه بتقدير الفعل وقد وقعت في مطاوي الكلام لأن قوله تعالى: {ولهم ما يشتهون} عطف على قوله للّه البنات على رأي الزمخشري والفراء، ولهم خبر مقدم وما مبتدأ مؤخر وجملة يشتهون صلة وبعضهم أعراب ما في محل نصب فعل مقدر وجملة ولهم ما يشتهون إما استئنافية وإما حالية ولك أن تعطف ما على البنات ولهم على للّه فيكون من قبيل عطف المفردات وهذا رأي الزمخشري والفراء وتعقبهما أبو حيان فقال: وذهلوا عن قاعدة في النحو وهي أن الفعل إذا رفع ضميرا وجاء بعده ضمير منصوب لا يجوز أن ينصبه الفعل إلا إن كان من باب ظن وأخواتها من الأفعال القلبية أو فقد وعدم فيجوز زيد ظنه قائما تريد ظن نفسه، ولو قلت زيد ضربه فتجعل في ضرب ضمير رفع عائدا على زيد وقد تعدي للضمير المنصوب لم يجز والمجرور يجري مجرى المنصوب فلو قلت زيد غضب عليه لم يجز كما لم يجز زيد ضربه فلذلك امتنع أن يكون قولهم لهم متعلقا بيجعلون.
{وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} الواو حالية من ضمير يجعلون أي الواو أي كيف يستسيغون نسبة البنات اليه تعالى وهذه حالتهم وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجملة بشر أحدهم مضافة للظرف وبالأنثى جار ومجرور متعلقان ببشر وجملة ظل لا محل لها ووجهه اسم ظل ومسودا خبرها والواو حالية أيضا وهو مبتدأ وكظيم خبر والجملة حال متداخلة، وليس المراد السواد الذي هو ضد البياض بل المراد الكناية بالسواد عن التغير والانكسار بما يحصل من الغم، والعرب تقول لكل من لقي مكروها قد اسود وجهه غما وحزنا قاله الزجاج وقال الماوردي: بل المراد سواد اللون حقيقة قال: وهو قول الجمهور والأول أولى فإن المعلوم بالوجدان أن من غضب وحزن واغتم لا يحصل في لونه إلا مجرد التغير وظهور الكآبة والانكسار لا السواد الحقيقي. {يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ} جملة يتوارى حالية من الضمير في كظيم ومن القوم متعلقان به ومن سوء متعلق به أيضا فالأولى للابتداء والثانية للعلة وما اسم موصول مضاف لسوء وجملة بشر به صلة أي من الأنثى وسوءها حسب اعتقاداتهم أنها مستهدفة للغواية ويخافون عليها من الزنا ومن حيث كونها لا تكسب. {أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ} الهمزة للاستفهام وجملة يمسكه الاستفهامية معمولة لشيء محذوف هو حال من فاعل يتوارى أي يتوارى حائرا مترددا مترجحا بين اليقين والشك أيمسكه محتملا الذل أم يئده في الحياة ويمسكه فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به وعلى هون حال من الفاعل المستتر أو من المفعول به وأم حرف عطف ويدسه عطف على يمسكه وفي التراب متعلقان بيدسه والتذكير في يمسكه ويدسه مع كونه عبارة عن الأنثى لرعاية اللفظ.
{أَلا ساء ما يَحْكُمُونَ} ألا حرف تنبيه وساء فعل ماض لإنشاء الذم وما نكرة منصوبة على التمييز أو موصولة فاعل ساء وجملة يحكمون صلة ولك أن تجعلها مصدرية والمصدر المؤول فاعل أي ساء حكمهم.
{لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} للذين خبر مقدم وجملة لا يؤمنون صلة وبالآخرة متعلقان بيؤمنون ومثل السوء مبتدأ مؤخر وللّه المثل الأعلى عطف على ما سبق وهو مبتدأ والعزيز خبر أول والحكيم خبر ثان.